بالصّدفةِ
كانَ لنا وطنٌ
ولنا أهلُ..
ولنا أسماءْ
بالصّدفةِ..
كان العُرسُ..
وكان الأبُ والأمُ..
وكان الطفلُ..
وكانتْ قابلةٌ تستخرجُ من رحمٍ كالقبرِ..
قتيلاً..
ثم تَلفُّ عليهِ الأقمشةَ البيضاءْ
بالصّدفةِ يكبرُ هذا الطّفلُ..
يراهقُ..يعشقُ..يتزوّج..
يُنجبُ أبناءْ
ويعيشُ مجازاً..
كي يُقتل يوماً بالصّدفةِ..
ثم تُلفُّ عليه الأقمشةُ البيضاءْ
بالصّدفةِ...
نُولدُ بالآلافِ..
ونُقتلُ أيضاً بالآلافِ..
ونُعرض جثثُ المقتولين على الشّاشاتِ كأرقامً
خمسون قتيلٍ...
مئة قتيلٍ..
ألفُ قتيلٍ...
من يهتمُّ بما قد يحدثُ بالصّدفةِ
في هذا العالمِ من أشياءْ
ومن يهتمُّ بأرقامٍ...
تتناسلُ في نشرة أنباءْ
أو تُدفن في نشرةِ أنباءْ
بالصدفة نصحو كلَّ صباحٍ...
نتحسّس بأصابعنا نبضاتِ القلبِ..
ونحسدُ أنفسنا أنّا..
ما زلنا بالصّدفةِ أحياءْ
أو نزعمُ رغم مآتمنا..
أنّا أحياءْ
بالصّدفةِ..
كانتْ مدرسةٌ..ونشيد وطنيٌ..
وغناءْ
بالصّدفةِ يسقطُ صاروخٌ..
ويحيلُ الكلَّ إلى أشلاءْ
بالصّدفةِ ..
يُعلن بوشُ الحربَ
فتحترقُ الصّحراءْ
ويصيرُ دمُ العربيّ رخيصاً مثلَ الماءْ
وتصيرُ أنابيبُ البترولِ..
معالفَ لخيولِ الأعداءْ
بالصّدفةِ ..
تصلُ الدبّابات إلى بغدادَ..
وبالصّدفةِ تنجو صنعاءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطن العربيّ إذا اجتمعَ الزعماءْ
لا أدري كيف -على حزني-..
أضحكُ وأقهقهُ باستهزاءْ
أقرأُ في الصحف بياناتٍ..
تتحدّثُ عن ندبٍ ورثاءْ
عن لطمٍ..
وعويلٍ ..وبكاءْ
أقرأ عن شجبٍ واستنكارٍ..
أبلغ من شعرِ الشّعراءْ
وأرى أوراقَ النعيّ..
يهجّيء أحرفها أحدُ الخطباءْ
كي يلقيها في حفل عَشاءْ
يتنفّسُ من بعد الصّعداءْ
ويودِّعُ جمعَ الصحفيين..
ليأخذَ فترةَ استرخاءْ
يرتاحُ بها من حربِ الشُّهرةِ والأضواءْ
وجهادِ الرقصِ على الكلماتِ
وذرفِ الدمعاتِ النجلاءْ
يا ناسُ ...
أمؤتمرٌ هذا..؟
أم بيتَ عزاءْ
أم إحدى حلقاتِ القرّاءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطنِ العربيَ..
ينام النّاس فلا يصحونَ
من الإعياءْ
بالصّدفةِ ..
ندخلُ في زمن التّخديرِ..
وفي زمنِ الإغماءْ
بالصّدفةِ ..
نذبحُ باسم الشّرفِ مُراهقةً..
ونبيعُ الشّرفَ الأكبرَ في السّوقِ السّوداءْ
بالصّدفةِ ..
نعبدُ ربَّ البيتِ
وباسمِ الربِّ نَهدُّ البيتَ
وبالصّدفةِ ..
نؤمنُ بالدّينِ
وباسم الدّينِ..
نَسنُّ خناجرنا العمياءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطن العربيّ..
إذا ما ظهرتْ راقصةٌ..
من بين حُطامِ منازلنا
ننسى أحزانِ مآتمنا
و-ننقّطها-بدمِ الشّهداءْ
بالصّدفةِ ..
ندخلُ غُرفَ النّومِ
لكي نختبرَ فحولتنا..
نتفاجأ..أنّ لنا أثداءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطن العربيّ..
يحاصرُ أبرهة الحبشيّ الكعبةَ
يدخلُ هولاكو بغداداً
يزحفُ جيشٌ نحو الشّامِ
ويزحفُ جيشٌ نحو القدسِ
ونبقى نحنُ..
حفاةً في قلبِ الصّحراءْ
يتربّصُ منّا الذّبيانيُ بعبسيٍ..
يشحذُ خنجرهُ بالصوّانِ
ويركبُ ناقتهُ الورقاءْ
ويهبُّ ليكتبَ ملحمةً أخرى..
في داحسَ والغبراءْ
بالصّدفةِ...
والصّدفةُ صارتْ قدراً وقضاءْ
منْ يكفرُ بالصّدفةِ منّا..
زنديقٌ..
من أصحابِ الرّدةِ والأهواءْ
زنديقٌ..
من يرمي حجراً..
يتفجّرُ في الأرضِ الخرساءْ
زنديقٌ..
من يُطلقُ من غزّةَ صاروخاً
يسقطُ في نافذةِ الأعداءْ
زنديقٌ..
من لا يشحذُ كيسَ طحينٍ..
مِن شبّاكِ الأونروا
أو كيس دواءْ
زنديقٌ في وطن الحكماءْ..
من غامرَ بالصّدرِ المكشوفِ
فحطّمَ أضلاع العنقاءْ
زنديقٌ..
من يَخرجُ للحربِ
ليكشفَ عوراتِ الجبناءْ
زنديقٌ..
من ينتعلُ كرامةَ "إسرائيلٍ"
مثل حذاءْ
زنديقٌ..
إنّي زنديقٌ..
لي ربٌ..ولكم أربابٌ..
لي ديْنٌ..ولكم أديانٌ..
ولديّ كتابٌ أقرأهُ..
لم أقرأ فيهِ عن الصّدفةِ
وقَبولِ الأقدارِ العمياءْ
لم يأمرني ربيّ بالصّبرِ..
على السّكينِ تحزُّ عروقي مثل الشاءْ
لم يأمرني ربيّ أن أذبحَ قبلَ الحربِ
جميعَ الخيلِ
وأُسرج عندَ الحربِ..
حمارَ الاستجداءْ
لم يأمرني ربّي أن أدخلَ
في دائرةِ الاستغباءْ
لم يخلقني ربيّ كي أُعلف بالصّدفةِ
صبحاً ومساءْ
الصّدفة ليست فلسفتي..
الصّدفةُ فلسفةُ الجّبناءْ
الصّدفة تتخمني..
وأنا أشعر بالرغبةِ في الإقياءْ
أشعر بالرغبةِ...
في.... الإقياءْ
أشعر ...بالرغبةِ..
في...ا..ل...إ...ق...
ي....ا......ءْ......
.... .... ....
... .... ....
قلم / إبراهيم طيار
كانَ لنا وطنٌ
ولنا أهلُ..
ولنا أسماءْ
بالصّدفةِ..
كان العُرسُ..
وكان الأبُ والأمُ..
وكان الطفلُ..
وكانتْ قابلةٌ تستخرجُ من رحمٍ كالقبرِ..
قتيلاً..
ثم تَلفُّ عليهِ الأقمشةَ البيضاءْ
بالصّدفةِ يكبرُ هذا الطّفلُ..
يراهقُ..يعشقُ..يتزوّج..
يُنجبُ أبناءْ
ويعيشُ مجازاً..
كي يُقتل يوماً بالصّدفةِ..
ثم تُلفُّ عليه الأقمشةُ البيضاءْ
بالصّدفةِ...
نُولدُ بالآلافِ..
ونُقتلُ أيضاً بالآلافِ..
ونُعرض جثثُ المقتولين على الشّاشاتِ كأرقامً
خمسون قتيلٍ...
مئة قتيلٍ..
ألفُ قتيلٍ...
من يهتمُّ بما قد يحدثُ بالصّدفةِ
في هذا العالمِ من أشياءْ
ومن يهتمُّ بأرقامٍ...
تتناسلُ في نشرة أنباءْ
أو تُدفن في نشرةِ أنباءْ
بالصدفة نصحو كلَّ صباحٍ...
نتحسّس بأصابعنا نبضاتِ القلبِ..
ونحسدُ أنفسنا أنّا..
ما زلنا بالصّدفةِ أحياءْ
أو نزعمُ رغم مآتمنا..
أنّا أحياءْ
بالصّدفةِ..
كانتْ مدرسةٌ..ونشيد وطنيٌ..
وغناءْ
بالصّدفةِ يسقطُ صاروخٌ..
ويحيلُ الكلَّ إلى أشلاءْ
بالصّدفةِ ..
يُعلن بوشُ الحربَ
فتحترقُ الصّحراءْ
ويصيرُ دمُ العربيّ رخيصاً مثلَ الماءْ
وتصيرُ أنابيبُ البترولِ..
معالفَ لخيولِ الأعداءْ
بالصّدفةِ ..
تصلُ الدبّابات إلى بغدادَ..
وبالصّدفةِ تنجو صنعاءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطن العربيّ إذا اجتمعَ الزعماءْ
لا أدري كيف -على حزني-..
أضحكُ وأقهقهُ باستهزاءْ
أقرأُ في الصحف بياناتٍ..
تتحدّثُ عن ندبٍ ورثاءْ
عن لطمٍ..
وعويلٍ ..وبكاءْ
أقرأ عن شجبٍ واستنكارٍ..
أبلغ من شعرِ الشّعراءْ
وأرى أوراقَ النعيّ..
يهجّيء أحرفها أحدُ الخطباءْ
كي يلقيها في حفل عَشاءْ
يتنفّسُ من بعد الصّعداءْ
ويودِّعُ جمعَ الصحفيين..
ليأخذَ فترةَ استرخاءْ
يرتاحُ بها من حربِ الشُّهرةِ والأضواءْ
وجهادِ الرقصِ على الكلماتِ
وذرفِ الدمعاتِ النجلاءْ
يا ناسُ ...
أمؤتمرٌ هذا..؟
أم بيتَ عزاءْ
أم إحدى حلقاتِ القرّاءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطنِ العربيَ..
ينام النّاس فلا يصحونَ
من الإعياءْ
بالصّدفةِ ..
ندخلُ في زمن التّخديرِ..
وفي زمنِ الإغماءْ
بالصّدفةِ ..
نذبحُ باسم الشّرفِ مُراهقةً..
ونبيعُ الشّرفَ الأكبرَ في السّوقِ السّوداءْ
بالصّدفةِ ..
نعبدُ ربَّ البيتِ
وباسمِ الربِّ نَهدُّ البيتَ
وبالصّدفةِ ..
نؤمنُ بالدّينِ
وباسم الدّينِ..
نَسنُّ خناجرنا العمياءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطن العربيّ..
إذا ما ظهرتْ راقصةٌ..
من بين حُطامِ منازلنا
ننسى أحزانِ مآتمنا
و-ننقّطها-بدمِ الشّهداءْ
بالصّدفةِ ..
ندخلُ غُرفَ النّومِ
لكي نختبرَ فحولتنا..
نتفاجأ..أنّ لنا أثداءْ
بالصّدفةِ ..
في الوطن العربيّ..
يحاصرُ أبرهة الحبشيّ الكعبةَ
يدخلُ هولاكو بغداداً
يزحفُ جيشٌ نحو الشّامِ
ويزحفُ جيشٌ نحو القدسِ
ونبقى نحنُ..
حفاةً في قلبِ الصّحراءْ
يتربّصُ منّا الذّبيانيُ بعبسيٍ..
يشحذُ خنجرهُ بالصوّانِ
ويركبُ ناقتهُ الورقاءْ
ويهبُّ ليكتبَ ملحمةً أخرى..
في داحسَ والغبراءْ
بالصّدفةِ...
والصّدفةُ صارتْ قدراً وقضاءْ
منْ يكفرُ بالصّدفةِ منّا..
زنديقٌ..
من أصحابِ الرّدةِ والأهواءْ
زنديقٌ..
من يرمي حجراً..
يتفجّرُ في الأرضِ الخرساءْ
زنديقٌ..
من يُطلقُ من غزّةَ صاروخاً
يسقطُ في نافذةِ الأعداءْ
زنديقٌ..
من لا يشحذُ كيسَ طحينٍ..
مِن شبّاكِ الأونروا
أو كيس دواءْ
زنديقٌ في وطن الحكماءْ..
من غامرَ بالصّدرِ المكشوفِ
فحطّمَ أضلاع العنقاءْ
زنديقٌ..
من يَخرجُ للحربِ
ليكشفَ عوراتِ الجبناءْ
زنديقٌ..
من ينتعلُ كرامةَ "إسرائيلٍ"
مثل حذاءْ
زنديقٌ..
إنّي زنديقٌ..
لي ربٌ..ولكم أربابٌ..
لي ديْنٌ..ولكم أديانٌ..
ولديّ كتابٌ أقرأهُ..
لم أقرأ فيهِ عن الصّدفةِ
وقَبولِ الأقدارِ العمياءْ
لم يأمرني ربيّ بالصّبرِ..
على السّكينِ تحزُّ عروقي مثل الشاءْ
لم يأمرني ربيّ أن أذبحَ قبلَ الحربِ
جميعَ الخيلِ
وأُسرج عندَ الحربِ..
حمارَ الاستجداءْ
لم يأمرني ربّي أن أدخلَ
في دائرةِ الاستغباءْ
لم يخلقني ربيّ كي أُعلف بالصّدفةِ
صبحاً ومساءْ
الصّدفة ليست فلسفتي..
الصّدفةُ فلسفةُ الجّبناءْ
الصّدفة تتخمني..
وأنا أشعر بالرغبةِ في الإقياءْ
أشعر بالرغبةِ...
في.... الإقياءْ
أشعر ...بالرغبةِ..
في...ا..ل...إ...ق...
ي....ا......ءْ......
.... .... ....
... .... ....
قلم / إبراهيم طيار