بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
عدنا مجددا لهذا الموضوع و بارك الله في أخي الفاضل الوسيم الذي كان سببا في إحيائه مرة أخرى و بالمناسبة أهنؤك أخي الكريم على فكرك و أسلوبك الرئعين جدا
و قد لخصت وجهة نظري تماما في الموضوع وهذا ما أفرحني جدا إذ أني أرى فيك توأما أتشرف به و الفرق الوحيد بيننا هو أنك تجيد تلخيص الأفكار و كما لا يخفى عليك أني ثرثار هههه
و إسمح لي أخي أن أعيد كلامك لكن بشيء من الثرثرة
فليتسع صدر إخوتي و أخواتي لي بارك الله فيكم
على بركة الله
من البديهي جدا و المنطقي أن الإنسان ذا طابع يتسم بالطموح القوي , وهذا شيئ يعتبر إيجابيا لأن هذا الطموح هو المحرك الأساسي لحركة الإنسان في هذه الحياة
هذه الحركة كي تكون بحد ذاتها نتيجة , يتطلب الأمر مسببات لها وقد أعبر عن هذه المسببات بإسم ركائز أو دعائم الحركة و التي لا تحدث إلا بها
نرجع شيئا ما للوراء كي نتفق على أننا الآن نتكلم على ثلاث عناصر ذكِرت سالفا
الطموح , - و هو مجر إحساس يخالج الإنسان فيولد عنده رغبة في شيئ ما
3 الحركة و هي نتيجة واقعة بعد توفر رقم 2 وهي المسببات لها
و إن كان هناك عنصر مفقود - الفكرة - لم يتم ذكره هنا لأنه يخدم الموضوع قليلا ونحن إتفقنا على عدم التطرق لكل نقاطه مخافة الشروذ و تشتت الذهن
و أخيرا الرضى و عدم الرضى , و هذا فلندعه لمداخلة أخرى
على العموم نكتفي بالعناصر الثلاث و إن كان عنصر الفكر سيأتي عرضا فيما بعد إن شاء الله
لنربط بين كل هذه العناصر كي يتسنى لنا سبب التعاسة والسعادة
و الغريب أن نفس العناصر هي من تسبب المتناقضين الإثنين -التعاسة و السعادة -
الآن دعونا نمشي الهوينا
مسألة السعادة و التعاسة دعوني أشبهها هنا بتحضير أكلة ما من طرف شخصين مختلفين
لكل واحد منهما نفس المواد لكن نتيجة الطبخ غير متساوية فالأول نتيجته طيبة و الثاني عكس ذلك و الخلل هنا لا محالة قد وقع في المقادير
و كذلك نتيجة الحركية في هذه الحياة تكون واحدة من بين إثنتين , إما طيبة - السعادة - و إما سيئة - التعاسة -
لكن أين الخلل هنا؟
من المعروف أن كل حركة تؤتي نتيجتة على قدر جهد المتحرك , و الأمر أولا يبدؤ بطموح للوصول إلى هذه النتيجة و الطموح إحساس غالبا ما يكون قويا عند كافة البشر و إن كان في حد ذاته يختلف في طبيعته من شخص لآخر
فطموح موسى عليه السلام ليس كطموح فرعون و إن كان لكليهما طوح قوي جدا
الآن قد نكون وضعنا أيدينا على أول حلقة في التوازن المختل
طموح جامح يقالبه حركة أصغر منه بكثير تؤتي نتيجة على قدر جهد المتحرك لكنها لا تشبع نفس الطامح المتطلعة لتحلقيق نتيجة توالم حجم طموحه , فيصاب حينها بإحباط وقد يؤثر هذا حتى على حركته البسيطة التي قام بها لتقل فتقل معها النتائج ليصاب بعدها بتعاسة و عدم الرضى في بادئ الأمر على الناس و قد يتطور الأمر لينقم حتى على نفسه
هذه الدائرة الفارغة كثير من الناس يقعون فيها بدرجات متفاوتة حسب قوة شخصية الفرد
قد يقول قائل
لكن هذا غير صحيح بدليل وجود أناس لديهم ثروات هائلة لكنهم أتعس ممن هم أقل منهم
أقول نعم هو كذلك بل والأمر عندهم أكثر و أعقد وذلك قد سلف ذكره مجازا بذكر أول عنصر ألا و هو الطموح إلا أن هذه الفئة يزيد في تعقيد أمرها الدخول في باب الجشع والأكبر من ذلك جشع ممزوج بغرور فينسون كل القيم ليجدوا أنفسهم لا يثقون حتى في أقرب المقربين إليهم و الحديث عنهم قد يأخذنا لمتاهة تبعدنا عن صلب الموضوع
ما قد اشير إليه هنا هو كلمة القيم التي فقدت لديهم ,
هذه القيم لم تفقد عندهم فحسب بل يفقدها سلفا غالبية الذين تصيبهم تلك التعاسة لكنهم يفقدون القيم بكثرة كلما كثرت قوتهم أو بالأحرى ثروتهم
فكلما مُكِّن الإنسان من وسائل البطش فقد قيما أكثر إلا ما رحم ربك
هنا أجد نفسي قد وضعت نقاطا كثيرة قد تذهب بنا بعيدا و كلها متعلقة بالتعاسة فإذا ما إستطعنا التعرف على مسبباتها وجدنا أنفسنا في خضم التعرف على السعادة الحقيقة
ولجمع شتات هذه النقاط لا أجد بدا من وضع إطار يحكمه الشرع كما قال أخي الوسيم
و أما تحليل أي تعقيد بعيدا عن هذا الإطار قد يزيد في تعقيده دون نتيجة ترجى
ولماذا لا نجد حلا بوضع إطار آخر
بكل بساطة لأن الله تعالى قال في محكم الذكر
و ما خلقت الإنس و الجن إلا ليعبدون
و العبادة هنا ليست هي الصلاة و الزكاة و ما إلى ذلك من الأمور المعروفة التي نتعبد بها فحسب
و إنما العبادة هي منهج حياة متكامل تحكم كل حركات الإنسان و سكناته و أقواله
و عليه فلا مخرج من أي معضلة في العالم كيفما كان نوعها إلا بتأطيرها بهذا الإطار
لنصل في النهاية إلى فكرة في غاية الروعة قالها أخي الوسيم
و هي أن محاسن الحياة أكثر من مسوئها و لا ينقص إلا التدبر للوصول إلى هذه الرؤية
و هذا الباب وحده كفيل بأن يملأ صفحات المنتدى
و مخافة الإطالة أتركركم في رعاية الله تعالى على أمل اللقاء بكم لتكملة المداخلة
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته