<table dir=rtl cellSpacing=0 cellPadding=0 width=160 align=left border=0></TABLE> ودعت المنظمات النسائية والحقوقية أخيرا، أيام الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد النساء، التي تمتد من 25 فبراير إلى غاية 10 دجنبر من كل سنة.. |
ويصادف اختتامها ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأسالت الحملة هذه السنة، مدادا غزيرا في المغرب، كما في العديد من البلدان العربية والدولية، وشهدت العديد من الأنشطة والتظاهرات، التي نظمتها الجهات الرسمية، فيما نظمت جزء مهما منها مكونات المجتمع المدني، وتميز الاحتفال بقرار المغرب رفع تحفظاته بخصوص الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد النساء (السيداو)، إلى جانب إعلان وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن عن مضامين مشروع قانون لمناهضة العنف ضد المرأة المغربية.
وانبرت في الآونة الأخيرة أصوات تتحدث عن عنف أداته النساء، يمارسنه ضد الرجال، وظهرت إحدى الجمعيات التي تتبنى قضايا هؤلاء، وتحرص على طرحها للنقاش والعمل على تحليلها كسلوك يحمل في طياته بعض النشوز.
ولم تتمكن "المغربية" في اتصالها بالجمعية التي آلت على نفسها الدفاع عن الرجال ضحايا عنف النساء، من الحصول على أي معطيات وإحصائيات، إلا أن الجريدة توصلت ببعض الحالات التي يتحدث فيها أصحابها عن حالات العنف الذي يتعرضون له على أيدي زوجاتهم، كما استقت بعضها من الشكاوي الرجالية، التي لم تخطئ العنوان بلجوئها إلى بعض مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف.
محمد الذي لجأ بدوره إلى العديد من الجمعيات، قبل أن يستقر به المطاف أمام أحد المسؤولين في الجمعية المغربية التي تعنى بقضايا العنف ضد الرجال، لم يخجل من الحكي عن زوجته التي يردد أنها تمارس ضده العنف، إلا أن ما يحكيه هذا الزوج يجعل المتلقي يستخلص أن العنف الذي يتحدث عنه، لا يعدو أن يكون عصيان زوجته له بعد أن كانت تطيعه طاعة عمياء، إذ يشدد محمد في كل أحاديثه قائلا "ما بقاتش كتسمع لي"، ويضيف "أصبحت تذهب إلى حيث تريد دون إخبار عن وجهاتها التي تقصد" ويسترسل موضحا أن زوجته لم تعد تعطي لشؤون بيتها الاهتمام اللائق كما كانت في السابق، ويذكر محدثيه باستمرار بأنه تزوجها منذ أزيد من 35 سنة، مشددا على أنه يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار كلما حدث خصام بينه وبين زوجته.
وبينما يشدد محمد على هذه القضايا، يعتبر أن عدم طاعة زوجته له جعل ابنتيه بدورهما لا تطيعانه، وتفعلان ما تشاءان، وتتأخران خارج البيت، وأحيانا تعودان بعد منتصف الليل، ويحمل مسؤولية هذا الوضع لزوجته، التي يقول إنها تغيرت ولم تعد تلك الزوجة المطيعة التي لا تتحرك إلا بإذنه.
وإذا كان محمد يعتبر عدم الطاعة عنفا تمارسه الزوجة ضده، فإن حسن يعتبر نفور زوجته منه في الفراش عنفا تسلطه عليه كلما وقع خلاف ما بينهما، ويذهب إلى اعتبار أن هذا السلوك المتعمد تنهجه لحرمانه من حقوقه الزوجية. وكلا الزوجين مشتكيين، يؤكدان أنهما لم يحدث أن تعرضا للضرب أو الضرب المبرح أو الاعتداء بأي سلاح أو آلة.
في مقابل هاتين الشهادتين، يؤكد أحد الأزواج أن زوجته تضربه، وأنها في أحيان كثيرة سددت له لكمات على مستوى الصدر والوجه، إلا أنه عند الاستماع للزوجة تبين أن سلوكها تجاه زوجها يأتي كرد على اللكمات التي يسددها لها، ما يجعل المشكل يتحول إلى شجار وعراك.
إن التساؤل عما إذا كانت المرأة بدورها تمارس العنف، يعد مشروعا، إذ كانت عائشة لخماس، رئيسة جمعية اتحاد العمل النسائي، أكدت، خلال الندوة التي عقدها مركز النجدة للنساء ضحايا العنف، التابع للجمعية نفسها، أن المرأة تمارس بدورها العنف سواء ضد الرجل أو ضد المرأة، موضحة أن عددا من الأزواج لجأوا إلى المركز لتقديم شهاداتهم عن تلقيهم العنف على يد زوجاتهم، وأضافت أن المرأة لا تمارس العنف على الزوج فقط، بل إنها قد تعنف مساعدتها في البيت، أو ضرتها أو أبناءها، واعتبرت لخماس قبول النساء الزواج من رجل متزوج هو نوع من العنف، يمارسنه ضد الزوجة الأولى.
عنف النساء ضد الرجال هو حالة غير "عادية" يمكن إرجاعه إلى العديد من الأسباب، إذ يمكن أن يشكل رد فعل ضد عنف الرجل، وهذا غالبا ما يحصل، حيث يمارس الرجل عنفا قاسيا ضد المرأة، ليقابله عنف في مستواه أو أقل منه.
ويمكن أن يفسر العنف الصادر عن النساء ضد الرجال، بالتركيبة النفسية للمرأة، وغالبا ما تكون المرأة العنيفة متزوجة برجل ضعيف الشخصية، وبحكم أنها تتحمل مسؤولية البيت والأولاد، قد تدفعها هذه المسؤولية إلى الطغيان واستعمال العنف، كنوع من الاحتجاج على وضعها وتقلدها لدور هي غير مقتنعة بلعبه، كما أن العنف الصادر عن النساء، يمكن إرجاعه إلى حالات من الانحراف، وهي حالات النساء اللواتي يتعاطين الفساد وتناول المخدرات، وهذا سلوك يحول طبيعتهن الأنثوية إلى طبيعة عنيفة، إلى جانب الفارق العمري الكبير بين الزوج والزوجة، والطلاق والانفصال وما يتبعها من حرمان للأب من رؤية أبنائه، وزواج المصلحة، وعدم التوافق والتكافؤ الاجتماعي بين الزوج والزوجة.
وفي جميع الحالات، فإن هذا العنف يعتبر وضعا شاذا في المجتمع، حتى وإن كان يشكل نسبة ضئيلة، إذ تكاد بعض البيوت لا تخلو من ضرب المرأة للرجل، وقد تختلف حالات الضرب، على قلتها، حسب الواقع المعيش داخل البيت، وتقول نعيمة 48 سنة "زوجي يضربني، غير أنني أرد الصاع صاعين، مثل ملاكمين قد تتساوى الضربات المتبادلة بينهما، إلا أنه أقوى مني، لكني أحاول الدفاع عن نفسي بكل ما أجد، وفي الختام يضطر لإنهاء المباراة".
وتقول خديجة "بصراحة النساء يمارسن أنواعا من العنف على الأزواج، لكن الحالات التي تمارس فيها هذا السلوك تبقى شاذة بالمقارنة مع ما يمارس من عنف ضد النساء في المجتمع المغربي، وكل المجتمعات العربية بالخصوص"، وتعتبر خديجة أن المرأة "في ظل افتقارها للقوة العضلية والسلطة المادية والاجتماعية، التي تخولها الثقافة والعقليات السائدة للرجل، تلجأ إلى أساليب هي في العمق عنفا، لكنه يأخذ شكل انتقام ومحاولة رد الاعتبار، وعلى رأس هذه الأساليب الهجر وحرمان الزوج من معاشرتها، أو الإقدام على تبذير إمكانياته المادية، وغالبا ما تلجأ الزوجة إلى السب والشتم والتحقير، ما يعتبر عنفا، حسب جميع التعريفات التي صار يتبناها الجميع، كما تتبناها القوانين الوطنية والدولية".
من أطرف ما جاء في باب تعنيف الزوجة لزوجها، أن أحد الأزواج اعتبر إهمال الزوجة لنظافة بيتها، وتراجع اهتمامها بشؤون الأسرة عنفا، يمارس ضده بشكل متعمد.
بينما يرجع محمد (مستخدم)، ضرب المرأة للرجل أو العكس، إلى الابتعاد عن القيم الإنسانية الفاضلة، فالمرأة كما الرجل يجب عليهما احترام بعضهما البعض، وإذا ما أصبح أحدهما يعنف الآخر، ففي هذه الحالة لا يصبح للحديث عن زواج وعشرة أي مصداقية أو معنى.