بصدور القرار 1813 لمجلس الأمن يكون وضع قانوني جديد قد ترتب بالمنطقة لم يكن معهودا لصالح المغرب من قبل . القرار الأخير لمجلس الأمن حجب حالتين كانتا الجزائر والبوليساريو تتذرع بهما عند كل محاولة لإيجاد مخرج للقضية المفتعلة ، رغم أن الحالتين ليستا في صالح المغرب وليستا في صالح الجزائر بسبب العواقب الوخيمة التي قد تترتب عن أية مجازفة وحماقة تمس بالسلم والأمن بالمنطقة .
الحالة الأولى وهي استبعاد القرار الأخير لأي إمكانية للعودة إلى لغة الخشب التي سادت بين أطراف النزاع طيلة منتصف سبعينات القرن الماضي وحتى غداة إعلان وقف إطلاق النار بين المغرب وبين البوليساريو في سنة 1991 ، تلك اللغة التي أطرتها أدبيات الحرب الباردة بين المعسكرين المتضادين . إن تركيز القرار الأخير لمجلس الأمن على الحل الواقعي الذي يعني اعتماد وتبني الحل المغربي بخصوص الحكم الذاتي بالمنطقة ، وإغفاله للحل اللاواقعي الذي كان يعني الاستفتاء لتقرير المصير المؤدي إلى الاستقلال، يعني أن مجلس الأمن في قراره الأخير يكون قد ألغى وبأثر رجعي جميع القرارات التي اتخذت في حق القضية الوطنية منذ 1975 وبما فيهم الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية . وهو ما يعني كذلك أن المشروعية الدولية الآن أضحت مع الحق المغربي ،وان البوليساريو والجزائر أضحتا خارج أية مشروعية تجيز لهما العودة إلى ممارسات سبعينات وثمانينات القرن الماضي . وحيث أن مجلس الأمن لا يمكن له الاحتفاظ بقرارات متناقضة بشان القضية الوطنية ، قرارات تنصص على الاستفتاء لتقرير المصير المؤدي الى الاستفتاء رغم أن هذه القرارات كانت معلقة على شرط واقف هو ضرورة موافقة أطراف النزاع على شروط ومسطرة الاستفتاء ، وهو ما يعني ان أطراف النزاع إذا لم تتفق على شروط ومكانز مات الاستفتاء ، فان هذا سوف لن يطبق ابد الدهر ، مما يعني بقاء النزاع مفتوحا إلى اجل غير مسمى . وقرار يلغي من أجندته أية محاولة لتنظيم الاستفتاء بتركيزه على الحل الواقعي الذي استمد قوته من التقرير الحكيم للسيد فالسوم الذي يشكك في محاولات خلق كيان عميل بالمنطقة لن يختلف من حيث مصادر تمويله وأدواره عما تقوم به الدولة العبرية بالمنطقة العربية ، فان تذكير مجلس الأمن عند تعيين المندوب ألأممي الأمريكي السيد روس كممثل للامين العام في ملف الصحراء ، بجميع القرارات السابقة لمجلس الأمن ، لا يعني ان المجتمع الدولي قد أصيب بعمى الألوان بقبوله بقرارات متناقضة من حيث الجوهر والهدف ، لكن المعنى من هذا التناقض المرغوب فيه، هو جر الجزائر والبوليساريو الى طاولة المفاوضات التي ستجري في شهر مارس القادم ، هذا اذا لم تحصل هناك من مفاجئات قد تجرجر اللقاء الى وقت غير مسمى ، مع العلم ان التركيز على القرار 1813 الأخير لمجلس الأمن ليس له من تفسير خارج بدا المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في السابق ، وهو ما يعني بشكل صريح ان أعضاء مجلس الأمن الذين يدركون حقيقة الصراع المفتعل بفعل التدخل الجزائري السافر في الشؤون المغربية ،لا يريدون العودة الى الوراء كما ترغب في ذلك الجزائر وعصاباتها . ان استغلال الظرف ومواقف الأطراف المتناقضة من طرف أعضاء مجلس الأمن لإدراج قرارات متعارضة، الهدف منه كذلك استغلال الظرف للعب على هذا التناقض بين المغرب وبين الجزائر لتحقيق أجندة لا علاقة لها بحقيقة الصراع المغربي الجزائري ، ربما قد تصب في خدمة مخططات ضيقة أبانت عنها حرب غزة الأخيرة.