المرحلة الأوبامية الجديدة في تسيير دفة السياسة الأمريكية، خصوصا مع التوجهات الإسلامية بمختلف أطيافها، بدأت تتضح ملامحها قبل انتهاء مدة المائة يوم التي جرى التقليد الأمريكي على تقييم أداء الرئيس الأمريكي الجديد فيها، فالرئيس الأفغاني كرزاي وبمباركة أوبامية أكيدة يكاد يتشبث هذه الأيام بلحى قادة طالبان الطويلة متوسلا إليهم وواعدا إياهم إن جنحوا للسلم مع حكومته أن يجنح لها بإشراكها في الحكم، وفي الصومال صار الشيخ شريف أحمد رئيس المحاكم الإسلامية، «الإرهابي» في نظر بوش، معتدلا في نظر الإدارة الأمريكية الأوبامية الجديدة، بل بارك باراك تنصيب الشيخ شريف رئيسا للصومال .
وكانت الإشارة الأكثر وضوحا تجاه التوجهات الإسلامية المعتدلة في العالم العربي في عهد الحقبة الأوبامية الجديدة، تصريح سكوت كاربنتر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال، والمكلف بمبادرة نشر الديمقراطية في العالم العربي والشرق الأوسط، فقد سُئل مؤخرا عن استعداد الإدارة الأمريكية لقبول النتائج السياسية، التي قد تترتب على الإصلاح الديمقراطي، بما في ذلك احتمال وصول حركات إسلامية سياسية للسلطة؟ فأجاب المسؤول الأمريكي بأن حكومته مستعدة للاعتراف بها مهما كانت النتائج.
بل إن ملامح في السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي كانت قد بدأت بالفعل قبل جلوسه على عرش البيت الأبيض، وذلك حين قرأت إسرائيل هذا التغيير فاستعجلت في إنهاء عدوانها الوحشي على غزة قبيل تنصيبه رئيسا لأمريكا بأيام معدودة حتى لا تحرجه وهو مقبل على «تغيير» كان شعارا يعنيه، مما جعله يسحق خصومه في الحملة الانتخابية الأمريكية.
صحيح أن أمريكا هي أمريكا، دولة المؤسسات والكونجرس ومجلس الشيوخ، ولا يمكن لرجل ـ مهما كان عظيما ـ أن يجري تغييرا جذريا في استراتيجيتها السياسية، أو يتجاوز خطوطها الحمراء، ولكن الصحيح أيضا أن التغيير الذي نتحدث عنه ـ ولو نسبيا ـ ليس خيالا نسجه تفاؤل مفرط، وإنما جاء محصلة طبيعية ومنطقية للإخفاقات الأمريكية في عهد الرئيس السابق بوش، فسياسته باستخدام العصا الغليظة مع العالم الإسلامي وبالتحديد مع التوجهات الإسلامية بأجنحتها المعتدلة والمتشددة دون فرز واقعي ومنطقي، لم يأت إلا بنتائج عكسية كارثية، لا على العالم العربي والإسلامي فقط، ولكن على المصالح الأمريكية أيضا، فأراد العطّار أوباما ببساطة أن يصلح ما أفسده دهر بوش.
وكان من أسوأ الخلطات العلاجية الفاسدة التي استخدمها بوش ووزعها على بعض حكومات العالم الإسلامي، وأراد العطّار أوباما أن يصلحها، تركيبة خاطئة من المراهم السياسية القمعية دهنها على جسد التوجهات الإسلامية فازدادت قوة وشراسة، فهذه طالبان المدهونة بالمرهم الغلط لم تستطع أمريكا بكل جبروتها وتقنياتها العسكرية الرهيبة ومعها قوات التحالف أن تحدّ من نفوذها في المجتمع الأفغاني، فبدأت أمريكا أوباما تتحدث عبر كرزاي ولأول مرة عن استعدادها لدهن الحركة بالحوار مع أي كوادر لطالبان ليس لها علاقة بالقاعدة، وهذه شنشنة أوبامية لم نعرفها من بوش.
بالتأكيد أن هناك تيارا في الإدارة الأمريكية الجديدة يؤمن بالرأي الذي أخذ يشق طريقه بين عدد من الخبراء وأصحاب القرار في الولايات المتحدة، مفاده أن قمع التوجهات الإسلامية دون تفريق بين المعتدل والمتشدد وتهميشها لم يكن أيام الرئيس بوش حلا ناجعا، فهل يقوى هذا التيار فيصلح العطار أوباما ما أفسده دهر بوش في التعامل الواقعي مع التوجهات الإسلامية وفرز المعتدل منها من المتطرف، أم يتحول العطار أوباما إلى دهر آخر فاسد ليبحث له العالم عن عطار آخر؟
وكانت الإشارة الأكثر وضوحا تجاه التوجهات الإسلامية المعتدلة في العالم العربي في عهد الحقبة الأوبامية الجديدة، تصريح سكوت كاربنتر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال، والمكلف بمبادرة نشر الديمقراطية في العالم العربي والشرق الأوسط، فقد سُئل مؤخرا عن استعداد الإدارة الأمريكية لقبول النتائج السياسية، التي قد تترتب على الإصلاح الديمقراطي، بما في ذلك احتمال وصول حركات إسلامية سياسية للسلطة؟ فأجاب المسؤول الأمريكي بأن حكومته مستعدة للاعتراف بها مهما كانت النتائج.
بل إن ملامح في السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي كانت قد بدأت بالفعل قبل جلوسه على عرش البيت الأبيض، وذلك حين قرأت إسرائيل هذا التغيير فاستعجلت في إنهاء عدوانها الوحشي على غزة قبيل تنصيبه رئيسا لأمريكا بأيام معدودة حتى لا تحرجه وهو مقبل على «تغيير» كان شعارا يعنيه، مما جعله يسحق خصومه في الحملة الانتخابية الأمريكية.
صحيح أن أمريكا هي أمريكا، دولة المؤسسات والكونجرس ومجلس الشيوخ، ولا يمكن لرجل ـ مهما كان عظيما ـ أن يجري تغييرا جذريا في استراتيجيتها السياسية، أو يتجاوز خطوطها الحمراء، ولكن الصحيح أيضا أن التغيير الذي نتحدث عنه ـ ولو نسبيا ـ ليس خيالا نسجه تفاؤل مفرط، وإنما جاء محصلة طبيعية ومنطقية للإخفاقات الأمريكية في عهد الرئيس السابق بوش، فسياسته باستخدام العصا الغليظة مع العالم الإسلامي وبالتحديد مع التوجهات الإسلامية بأجنحتها المعتدلة والمتشددة دون فرز واقعي ومنطقي، لم يأت إلا بنتائج عكسية كارثية، لا على العالم العربي والإسلامي فقط، ولكن على المصالح الأمريكية أيضا، فأراد العطّار أوباما ببساطة أن يصلح ما أفسده دهر بوش.
وكان من أسوأ الخلطات العلاجية الفاسدة التي استخدمها بوش ووزعها على بعض حكومات العالم الإسلامي، وأراد العطّار أوباما أن يصلحها، تركيبة خاطئة من المراهم السياسية القمعية دهنها على جسد التوجهات الإسلامية فازدادت قوة وشراسة، فهذه طالبان المدهونة بالمرهم الغلط لم تستطع أمريكا بكل جبروتها وتقنياتها العسكرية الرهيبة ومعها قوات التحالف أن تحدّ من نفوذها في المجتمع الأفغاني، فبدأت أمريكا أوباما تتحدث عبر كرزاي ولأول مرة عن استعدادها لدهن الحركة بالحوار مع أي كوادر لطالبان ليس لها علاقة بالقاعدة، وهذه شنشنة أوبامية لم نعرفها من بوش.
بالتأكيد أن هناك تيارا في الإدارة الأمريكية الجديدة يؤمن بالرأي الذي أخذ يشق طريقه بين عدد من الخبراء وأصحاب القرار في الولايات المتحدة، مفاده أن قمع التوجهات الإسلامية دون تفريق بين المعتدل والمتشدد وتهميشها لم يكن أيام الرئيس بوش حلا ناجعا، فهل يقوى هذا التيار فيصلح العطار أوباما ما أفسده دهر بوش في التعامل الواقعي مع التوجهات الإسلامية وفرز المعتدل منها من المتطرف، أم يتحول العطار أوباما إلى دهر آخر فاسد ليبحث له العالم عن عطار آخر؟